الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

حقيقة الشاذروان وحكم الطواف عليه


الشاذروان –كما في المصباح المنير- بفتح الذال وإسكان الراء من جدار البيت الحرام، وهو الذي تُرك من عرض الأساس خارجا، ويسمى تأزيرا؛ لأنه كالإزار للبيت.

وقال بعضهم إنه فيما يظهر مأخوذ من كلمة "شوذر" الفارسية، ومعناها الإزار.

وهو في الحقيقة بناء بنته خزاعة حول البيت؛ ليكون حصنا له يدفع عنه السيل؛ وذلك بعد أن هجم على أهل مكة سيل عظيم، ودخل المسجد الحرام، وأحاط بالكعبة، ورمى بالشجر بأسفل مكة كما ذكر ذلك الأزرقي في أخبار مكة.

قال الكردي في التاريخ القويم: "أصل الشاذروان من عمل خزاعة حينما كان أمر الكعبة إليها؛ بنته حولها ليحصنوها من السيل، وأن هذا البناء بقي على حاله حتى بناء قريش للكعبة، وأنه كان في بناء عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- بدون شك، وعلى نفس الأساس الأول الذي كشفه ابن الزبير، والحجاج الثقفي لم يتعرض للشاذروان مطلقا حينما هدم الكعبة".

والشاذروان الآن مبني من الرخام في الجهات الثلاث ما عدا جهة الحِجْر، ومثبت فيه حلقات يربط فيها ثوب الكعبة المشرفة، ولا يوجد هذا البناء أسفل جدار باب الكعبة المشرفة كما بين ذلك بعض المصادر.

ما حكم الطواف على الشاذروان؟

يقول الإمام ابن عثيمين –رحمه الله– في الشرح الممتع: "الشاذروان هو السوار المحيط بالكعبة من رخام في أسفلها كالعتبة، وكان من قبل مسطحًا يمكن أن يطوف عليه الناس، فإذا طاف عليه إنسان فإنه لا يصح طوافه؛ لأن الشاذروان من الكعبة، وقد قال –تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، ولم يقل في البيت، ولو قال: في البيت صح الطواف من دون الحجر وعلى الشاذروان، لكن قال: بالبيت، والباء للاستيعاب، فالطواف بجميع الكعبة واجب.

لكن بعض الخلفاء -جزاه الله خيرًا- جعله مُسَنَّمًا كما يشاهد الآن، فلا يمكن الطواف عليه فمن صعد عليه ليطوف زلق؛ لأنه مزلة.

لكن لو فرض أن رجلًا أحمق قال لصاحبه سأعتمد على كتفك، وأطوف على الشاذروان فلا يصح؛ لأنه من البيت، وهذا ربما يقع في أيام الزحام فيطوف الإنسان على الشاذروان ويتكئ على أكتاف الناس، لكن -الحمد لله- لم يحصل ذلك فيما نعلم  ...".

هذا رأي الإمام ابن عثيمين –رحمه الله-؛ فهو يرى عدم صحة الطواف على الشاذروان؛ لأنه من البيت، وهناك علماء آخرون يرون صحة الطواف على الشاذروان؛ لأنه ليس من البيت على رأيهم، يقول ابن تيمية –رحمه الله– في مجموع الفتاوي: "ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار الكعبة لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، وليس الشاذروان من البيت، بل جعل عمادًا للبيت‏".‏

وسواء قلنا إن الشاذروان من البيت أو لا فإنه لا يمكن الطواف عليه حاليا؛ إذ إنه بني بشكل يمنع الواحد المشي أو الوقوف عليه كما أشار إلى ذلك الإمام ابن عثيمين –رحمه الله-.

ويظن بعض الناس أن الشاذروان هو الحطيم، وهذا غير صحيح، فالشاذروان هو ما ذكرنا البناء المسنّم حول الكعبة ما عدا جهة الحجر وأسفل جدار باب الكعبة، وأما الحطيم فأشهر ما يطلق عليه هو الحِجْر، والمشهور عند العامة بحجر إسماعيل، وليس الشاذروان مما يطلق ذلك عليه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق