الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

الأراكانيون الروهنجيون


الأراكانيون هم المنسوبون إلى بلدة أراكان المحتلة، والتي أصبحت حاليًّا إقليمًا من أقاليم ميانمار البوذية، والمنسوبون إلى أراكان منهم الروهنجيون، ومنهم بعض العرقيات من البوذيين، وكلهم من سكان أراكان؛ فلذا لا يفهم من لقب "الأراكاني" المجرد أن صاحبه ليس إلا مسلمًا أو روهنجيًا، بل يفهم منه أنه من أراكان فحسب، وأراكان فيها مسلمون، وفيها مشركون، وفيها روهنجيون، وفيها عرقيات أخرى من البوذيين؛ ويعني هذا أن لقب "الروهنجي" أكثر دقة من لقب "الأراكاني"؛ فلقب "الروهنجي" يفهم منه أن صاحبه أراكاني مسلم من عرقية الروهنجيا، ولا يفهم ذلك من لقب "الأراكاني".

وسبب هذه المقدمة أنني رأيت كثيرًا من الكتاب عندما يكتبون عن الروهنجيا يقولون "إن الأراكانيين ثقافاتهم كذا"، "وعاداتهم كذا"، من دون أن يقيدوهم بشيء، وهو غير دقيق؛ لأن كلمة "الأراكانيين" تشمل أكثر من عرقية في أراكان، وليس هناك تحديد عرقية معينة في حديثهم، وقد يقولون: "إن الناس يَظنون أن الأراكانيين هم الروهنجيا فحسب؛ فلذا لا نحدد ولا نقيد"، فيقال لهم: إن ذلك تغييب للحقيقة، وخلاف للواقع، وهذا التصرف إن فعله الأراكانيون البوذيون وقالوا: "إن عادات الأراكانيين كذا" وهم لا يقصدون إلا أنفسهم= لا نرضى بذلك؛ لأن الأراكانيين ليسوا وحدهم فحسب، بل نحن كذلك أراكانيون، فلا بد أن يكون هناك تمييز بيننا وبينهم، ونحن نختلف عنهم في كل شيء، نختلف عنهم في العقيدة والديانة التي نعتنقها، وفي العادات والتقاليد، وفي اللغة والسَّحنة؛ فلذا لا بد من الصدق والأمانة والدقة في نقل المعلومة للمتلقين من خارج مجتمعنا، وممن لا يملكون المعلومة الصحيحة.

وقد يقول بعضنا: "إن الأراكانيين الحقيقيين هم الروهنجيا، وأما البوذيون فهم دخلاء؛ فلهذا لا نعدهم أراكانيين"، وهذا التعليل أيضا عليل؛ لأننا لا نرضى أن يعاملونا بالمثل ويقولوا عنا: "إن الروهنجيا دخلاء بنغاليون"، والبوذيون هم الأراكانيون الحقيقيون" من دون أن يثبتوا ذلك بأدلة ووثائق صحيحة.

وهناك سبب آخر جعلني أكتب هذا المقال، وهو أنهم غير دقيقين أيضًا في تحديد الأراكانيين الروهنجيين الذين يتكلمون عنهم؛ إذ إن الأراكانيين الروهنجيين الآن يقطنون أجزاء كبيرة من الكرة الأرضية؛ فمنهم من يسكن في أراكان، ومنهم من يسكن في الدول المجاورة لها، ومنهم من يسكن في دول أوروبا، ومن من يسكن في بلاد الخليج، وكل قسم من هؤلاء له عادات وتقاليد تختلف عن القسم الآخر؛ إذًا لا بد من تحديد القسم المقصود من هؤلاء عند الحديث عن عادات الأراكانيين الروهنجيين وتقاليدهم.

وقد يتحدث الكاتب عن تقاليد القسم الذي يقطن السعودية، لكنه بدون ذكر أي تفصيل أو قيد، وهو كذلك غير دقيق؛ لأن الجيل الحالي في السعودية يختلف عن الأجيال السابقة فيها؛ فالأجيال السابقة بقي معهم كثير من عادات بلادهم وتقاليدهم، وأما الجيل الحالي فأكثرهم –على حسب علمي القاصر- انصهروا في المجتمع السعودي؛ فلذا أصحبت عاداتهم وتقاليدهم أشبه بعادات السعوديين وتقاليدهم في اللبس والمظهر، واللغة وتسمية أسماء أولادهم، والاحتفالات وطريقة المعيشة عامة.

وهذا الجيل الجديد في السعودية يتحدثون العربية بطلاقة، ولا يحرفون الأسماء في مناداة بعضهم كما كان يفعل ذلك الأجيال السابقة؛ حيث كانوا يشوهون الأسماء العربية بطريقة نطقهم عندما يتنادون، فكانوا ينطقون اسم (محمد) بـ(مامَّود)، واسم (عبد الله) بـ(أدّولا)، واسم (عبد الرحمن) بـ(عدّو رامان)، وهكذا؛ وسبب ذلك أنهم كانوا حديثي عهد في النطق الصحيح بالأسماء العربية والكلمات العربية، فبقيت العجمة في لسانهم، وينطقون بالكلمات العربية على ما تقتضيه عجمتهم وطريقة نطقهم للغتهم.

وهذه الطريقة في النطق بالأسماء تلاشت تمامًا في الجيل الحالي للأراكانيين الروهنجيين في السعودية؛ فلذا من الظلم أن ننسب إليهم عيبًا غير موجود فيهم أصلًا.


البلد الحرام – الاثنين 25/12/1437هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق