الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

لأجلهم العربية تبكي وتشتكي!


خدعوهم وطبلوا لهم تاركين توجيههم ونصيحتهم رغم معرفتهم بجهلهم الفاحش، وعدم إدراكهم لأبجديات اللغة العربية وتراكيب أحرفها؛ فجعلوهم أضحوكة المجالس وفواكه النوادي؛ يتفكه الخاصة والعامة بغرائب أسطرهم وعجائب كتاباتهم!

يكتبون كما الكتاب يكتبون ويسطرون، لكن شتان بين كتاباتهم وكتابات الكتاب، أولئك كلماتهم مُلئت جمالا وفصاحة، وحسنا وبلاغة، وهؤلاء عباراتهم وأحرفهم ملئت جهلًا مركبا، ولحنا جليًا باكيًا مبكيا.

يكتبون ... لكن القلم يئن حين يكتبون، يكتبون والكتابة نفسها تصرخ وتصيح: "دعوني ... دعوني يا أيها الجهال والحمقى، وأريحوا الأقلام واتركوها لأربابها".

يكتبون ... والمرفوع في دين كتابتهم مجرور، والمجرور مرفوع، والمذكر مؤنث، والمؤنث مذكر، ومن حسن حظهم أنهم لم يكونوا في عصر الكسائي وسيبويه والفراهيدي؛ وإلا لحبسوهم ولأوجعوهم ضربًا كلَّ يوم بكرةً وعشيا.

يكتبون لمجرد الكتابة، فلا تجد في أسطرهم جملة صحيحة، ولا معنًى مفهوما، ولا هدفًا واضحا.

يكتبون والكلمات عربية، لكن لا تجد فيها معاني عربية، وتنهال عليها الإعجابات والتعليقات، والمدائح والإطراءات من كل حدب وصوب، وما علم أولئك المساكين أن هذه المشاعر غير الصادقة إنما هي منبعها السخرية والاستهزاء بسوء حالهم، وضحالة فكرهم، وسخافتهم وجهلهم.

أعلم بعض جلاسي المكتئبين والمصابين بعوارض الهموم والأحزان -وهم من الكتاب الفصحاء الذين لا تخفى عليهم أسرار العربية وأساليبها، وأصولها وفروعها-؛ ينتظرون بفارغ الصبر كتابات هؤلاء السخيفة وقصائدهم المثيرة للشفقة على أصحابها؛ رجاءَ أن تخفف عنهم شيئا من أحزانهم، وتزيل بعضا من همومهم، وأملا في أن يستعيدوا بها شيئا من بريق وجوههم بالبسمات والضحكات التي تنشأ عند قراءة تلك الكلمات والعبارات.

إن هؤلاء الذين يجلبون لنا العار والشنار كلَّ يوم في وسائل التواصل الاجتماعي بطامات كتاباتهم وسخافات تراكيبهم للجمل والعبارات؛ ينبغي أن يحجر عليهم، ويكافأوا على صومهم عن الكتابة وإراحة الأقلام من شرهم، حتى يكتسبوا من العلم القدرَ الذي يميزون به بين المرفوع والمنصوب، والمجرور والمجزوم، والمذكر والمؤنث، والجمع والإفراد والتثنية، ويستطيعوا به الربط المعنوي واللفظي بين العبارات والجمل، وتركيب عبارات مفهومة معلومة الهدف منها والرسالة.

نحاول كثيرا الابتعاد عن قراءة ما يسطرون، لكن لا مفر من ذلك؛ فلا يذكر الحمقى والمغفلون في المجالس وأرباب الجنون والسفاهة إلا والحديث عنهم وعما يكتبون يكون له حظ وافر من النصيب، بل قد تكون له الصدارة المطلقة -الله المستعان-.


البلد الحرام الاثنين 1437/4/29 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق