الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

افعل الخير متجردًا من عباءة الحمق والغباء


ليس كل من يريد فعل الخير يوفق له، بل قد تكون النتيجة عكسية عند التنفيذ؛ فيفعل الشر وهو لم يكن يريد إلا الخير، وهناك كثير من صور الشر نتجت عن أفعال كانت بنية الخير؛ بسبب أن صاحبها غلبته العاطفة المجردة عند التنفيذ، ولم يستخدم فيها عقله الذي ميزه الله به عن البهائم!

ويدخل في هذا الباب هؤلاء الذين يجمعون صور المأساة الإنسانية من أي مكان في العالم، ثم ينشرونها على أنها نماذج لصور مأساة مسلمي أراكان، وإن لم يكن لها أي علاقة بمأساة مسلمي أراكان، ولم يجسروا على ذلك إلا رغبة في نشر قضية هذه الأمة المضطهدة، وفي استعطاف العالم ولفت أنظار الناس إلى مأساتهم!

وآخر صورة من هذه النماذج السيئة ما شاهدناه هذه الأيام، وهو أن أحدهم نشر صورة لطفل عريان يحبو وفي عنقه حبل مربوط، معلقا فيها "طفل مسلم من بورما يعامل معاملة الكلاب من قبل عباد الصليب..."، والصورة في الحقيقة تعود لطفل فلبيني ربطت أمه حبلا في عنقه ثم قامت بتصويره.

قد يكون فاعل هذا أحد الروهنجيين أو أحد المتعاطفين معهم من غيرهم من المسلمين، لكن التصرف الذي أقدم عليه لا يدل إلا على حماقته وغباوته؛ فقضية مسلمي أراكان ليست بحاجة إلى أن يستخدم فيها الكذب والتدليس لترويجها ونشرها بين الناس؛ فإنها قضية حقيقية شهد لها المنظمات الحقوقية، ولجان تقصي الحقائق، والتقارير المرئية المعروضة في القنوات العالمية، والصور الملتقطة الحقيقية لمأساة مسلمي أراكان نشرتها الوكالات الروهنجية للأخبار، والقنوات المهتمة بنشر أخبارها، وامتلأت بها صفحات الجرائد والمجلات؛ فما الذي يلجئ الناس إذًا إلى الكذب والتدليس ونشر صورة كاذبة مزورة في ترويج هذه القضية؟!


إن الحمقى أعداء الحقيقة وإن ادّعوا حبها والحرص على السعي لمصلحتها؛ فالحقيقة لا تحتاج إلا إلى أناس مخلصين عقلاء حكماء لإيصالها إلى الناس ونشر أخبارها بينهم؛ فكن ذا عقل وحكمة عند نصرة قضية مسلمي أراكان، وإلا الأفضل لك أن تدعها وشأنها وتقعد في بيت أمك؛ لأن مثلك يضرها بدل أن ينفعها، ومثلك مثل الذي ينشر محاسن الإسلام عند الكفار بالكذب والدجل والتدليس، وهو بذلك أساء إليه بدل أن ينفعه من حيث لا يشعر -الله المستعان-.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق