الخميس، 20 أكتوبر 2016

كن صادقًا وناصحًا حكيمًا


كل امرئ لكونه إنسانًا لا بد أن يصدر منه بعض الزلات والهفوات، والناس أمام هذه الأخطاء والهفوات الصادرة من بعضنا على أقسام:

القسم الأول: لديه جرأة على مواجهة المخطئ والصراحة في بيان أخطائه، وهذا تحته قسمان:

أ‌-يواجه المخطئ لكن بأسلوب يحس فيه المخطئ بأن نصيحته مُلئت صدقًا وحبًا له -المخطئ-، وأن الناصح لم يقصد بنصيحته إلا كل خير ونفع له.

ب‌-يواجهه لكن بأسلوب خاطئ؛ بحيث يحس المنصوح أن الناصح جعل ثغرته سلمًا للإهانة والانتقاص من قدره، وإظهار ضعفه وعيوبه للناس.

القسم الثاني: لا يملك الجرأة على المواجهة والصراحة، وهذا يندرج تحته قسمان:

أ‌-يلتزم السكوت ويتمنى أن يهديه الله –تعالى- إلى الصواب في يوم من الأيام.

ب‌-لا يواجه المخطئ، لكنه يجامله عند مقابلته، ويسلخ جلده ويمزق لحمه عند قوم آخرين عندما تجمعهم مجالس خاصة.

وأرى أن أكثر المشاحنات التي تحصل بين الإخوان والأصدقاء والزملاء سببها الرئيس هو أحد قسمي (ب) من القسمين الرئيسين؛ فلو التزم الناس بأحد قسمي (أ) من القسمين الرئيسين لسلموا من كثير من الخصومات الشديدة التي قد تكون نتيجتها التباغض والتهاجر والتقاتل!

العمل بأحد قسمي (أ) مطلب ضروري لكل مجموعة تريد أن تعيش أجواء حب وسلام واتفاق واتحاد، ويجب أن يتمسك به أكثرَ من جمعهم عملٌ لتحقيق هدف عام للناس؛ فالمجاملة فيها تعني "تقديم المصلحة الخاصة على العامة"، والصراحة بالأسلوب غير الحكيم قد تكون سببًا في إحداث نتائج غير حميدة لفريق العمل؛ فلا بد إذًا من العمل بأحد قسمي (أ)، وهو ما يشير إليه قول أحد الفلاسفة: "لا تبالغ في المجاملة حتى لا تسقط في بئر النفاق، ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة".

وبعض الناس يهرب من الصراحة ويلجأ إلى التلميحات والإشارات، وهذه أيضًا قد تكون نتيجتها سلبية إن كانت بطريقة استفزازية وكانت مفهومة لدى المستهدف ولدى الناس، وإن كانت غير مفهومة له، أو لا له ولغيره؛ فوجودها وعدمها سواء.

والواجب توجيه النصيحة إن كانت للمصلحة العامة وعدم الهروب منها، لكن كما أسلفنا؛ لا بد أن تكون بأسلوب حكيم، ولا يتركها إلا إن كانت المفسدة فيها أكبر من المصلحة، أو تجلب مفسدة مساوية للمصلحة التي كانت النصيحة لتحقيقها؛ إذ إن "درء المفاسد أولى من جلب المنافع".


البلد الحرام – الأحد 1437/5/26

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق