الخميس، 20 أكتوبر 2016

المسلمون تتكافأ دماؤهم


وسائل الإعلام المختلفة في حالة استنفار شديد، والأقلام الشعرية والنثرية في جري وحركة غير مسبوقة، والمنابر تعالت أصواتها وزادت صرخاتها المجلجلة؛ لطفل مسلم مضطهد لم يجد رحمة في أرض البشر؛ فارتمى في أحضان البحر، فسمع شكواه، واستوعب معاناته، وأدرك ما يحس به من أوجاع وآلام، وظلم واضطهاد أمام مرأى العالم ومسمعه دون أن يجد مشفقا يمد إليه يد العون، وينفض من رأسه غبار العناء، ويمسح من عينه دموع الشقاء، فأشفق عليه كثيرا، ولم يلبث أن استقبل روحه البريئة وأسلمها إلى بارئها الرحمن الرحيم، إلى من رحمته وسعت كل شيء  ...

إن حالة هذا الصغير البائس الذي فاضت روحه الطاهرة إلى خالقها؛ لا شك أنها تستفز المشاعر الراكدة، وتحيي الضمائر الميتة، وتحرك الأقلام الساكنة؛ فإذًا لم تكن هذه الهبة والصحوة من أطياف مختلفة من المجتعات والدول مع هذه الحالة؛ إلا أمرا طبيعيا لا نحتاج فيه إلى أن نقف وِقفة دهشة واستغراب ..

لكن الذي يحير الحليم، ويجعل العاقل مجنونا هو أن هناك في بورما يتكر مثل هذه الحالات بصفة يومية، وبصورة أبشع وأشنع من هذه؛ ومع هذا لا تحظى بعُشر هذا الاهتمام من الشعوب والدول، ولا بمثل هذا التركيز من قبل الإعلاميين والشعراء والأدباء!!

هناك مئات في بورما من الأطفال يحرقون وهم أحياء، وتحوّل الرجال والنساء إلى أشلاء ممزقة، وجثث متناثرة، والجهات المعنية تنقل أحداثها، وتنشر تفاصيلها وتوصلها إلى كل الغيورين من المسلمين، لكن لا حياة لمن تنادي، والمعنيون في سبات عميق، وخيرهم من استعاذ وحوقل، أو أرسل لهم حفنة من المال تغيث بعضا منهم!


إن هذا التفاعل الكبير من قبل شعوب العالم مع حالة طفل البحر البريء، والاستنفار الإعلامي والكتابي؛ لأمر يثلج الصدور، ويجلب السرور، فنريد أيضا أن تحظى مآسي المسلمين في بورما ولو بعشر هذا الاهتمام من قبل هؤلاء الذين يملكون هذه الإنسانية والحرقة الدينية؛ فالمسلمون في هذا العالم تتكافأ دماؤهم، ولا فرق بين من يسكنون مشارقه وبين من يسكنون مغاربه، فكلهم ربهم واحد، ونبيهم واحد، ويتبعون دينا واحدا، وهو الإسلام، وعليكم السلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق