الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

تعليق ساخر على مقالة


قال بعض أحبتي عندما رأى ظاهرة التكسب الحرام عند كثير ممن يدعون أنهم يخدمون القضية الروهنجية: "ابني: في مستقبلكم -إن شاء الله- لن يستطيع أحد تعييركم واتهامكم بأدنى شبهة في طريقة كسب أبيكم".

تعليقي على كلامه:
أنت غلطان -يا شيخ ...-، أراك تضيع وقتك وعمرك معتمدا على هذه الأوهام التي لا تفيدك ولا تفيد عيالك وأحفادك...

يا شيخ الحياة سهلة فلا تصعبها بنفسك، اعمل لقضيتك سنة أو سنتين أو ثلاثا واستمتع فيها بالعشوات والرحلات والسفريات إلى دول لم تحلم بها، وكون لك رصيدا ماليا محترما، وامتلك مركبا يليق بك، كسيارة "لاندكروزر" أو "لكزس" أو "بي ام دبليو"، والأفضل بلا شك "بانوراما"، ولا تنس أيضا أن تمتلك قصرا أو قصرين إضافة إلى بعض الأراضي في مخططات مشهورة؛ ليستفيد منها أحفادك وأحفاد أحفادك.

ولا تخش أبدا من كلام الناس واتهامهم بسبب ثرائك المفاجئ والمريب؛ فإنه بإمكانك الخروج من المأزق بحَبّة اتهام مضادة تتهم فيها كاشفيك بالحسد والحقد وغيبة العلماء والأولياء والصالحين والمضحين بأرواحهم لأجل القضية، وتيقن أنه سيكون هناك فريق يقوم بحمايتك والدفاع عنك إعلاميا وسياسيا في الفيس بوك والواتساب وتويتر وفي البيوتات والحارات والأزقة، وبمحاربة كل من يحاول كشف حقيقتك، وأبشر فهناك أيضا آيات وأحاديث وأقوال للعلماء والحكماء والصلحاء جاهزة يتم استعمالها في الدفاع عنك بطريقة محكمة.

كما يكون هناك فريق آخر يتمتع أعضاؤه بخفة عقل وقلة علم تُنفخ في أنفسهم روح الدفاع عن الحق والزعماء الأبطال؛ ليقوموا بالدفاع عنك في كل حال؛ فأنت عندهم أحد الأبطال، نعم يدافعون عنك وإن لم يكن لديهم إلمام تام بحقيقة قولك ومرادك، وأهدافك وأغراضك، لكن أنصحك بألا تكون بخيلا عليهم، فأكرمهم ببعض الهدايا والريالات؛ ليقوموا بواجبهم بإتقان، وهم رجال طيبون مخلصون لن يتخلوا عنك مهما ساءت أحوالك!

وفي هذه الفترة التي تقضيها في خدمة القضية لأجل الله -نعم لأجل الله-؛ ستكون فيها مشهورا يشار إليك بكل أصابع اليدين والرجلين، ولا تمشي حينئذ في زقاق أو سوق إلا وتجد هناك من يهتم بأمرك ويحاول أن يفرش لك سجادة حمراء لتمشي عليها متبخترا، ولا تمر ببائع أو دكان إلا وتجد أسعار السلع مخفضة لك، بل قد تفاجأ بسلع لا تُدفع مقابلها أثمان.

وأما المناسبات الخاصة والعامة التي تدعى إليها بشوق ولهفة فحدث عنها ولا حرج، ويفضل لأجل هذه المناسبات الكثيرة أن تجعل لك جدولا لتحديد الأهم منها؛ لأنه لا يمكنك أن تلبيها كلها، والأفضل عند الزحمة أن تقدم دعوات الأغنياء والوجهاء؛ لتؤلف قلوبهم بغية أن تستفيد منهم حالا ومستقبلا.

وبعد مضي ثلاث سنين من الخدمة لوجه الله –وهذه الجملة مهمة للتحسين والتزيين والترويج-، بعد مضي هذه الفترة إن أحسست بشبعٍ ماديا ومعنويا واجتماعيا؛ فإنه بإمكانك أن تظهر أمام الناس الذين عرفوا بعض حقيقتك واتهموك؛ بوجه التائب الذي يعض أصابع الندم على هفواته التي حصلت من غير قصد، ووضع قدمه فيها من دون علم ولا بصيرة، لابسا ثوب الزهد، حاملا سبحة طويلة ...

صدقني إن فعلت ذلك فإن الناس سينسون أيامك السوداء التي قضيتها غاشا خادعا متلاعبا، وتكون عندهم رجلا نزيها بريئا مبرأ من أي زلة أو هفوة. وعند ذلك تحس بأنك كسبت المال والثروة، وأشبعت رغباتك وشهواتك، وأغنيت أهلك وأولادك وأحفادك دون أي خسارة.


فما الأفضل الآن يا شيخ ...؛ هذا الذي أشرت إليه، أم زهدك هذا الذي بنيته على أوهامك؟ قم يا شيخ قم –الله يهديك- قبل أن تعض أصابع الندم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق